معظم المقتنين لمختلف الأشياء يختارونها في أسفارهم لمدن العالم، ويعانون لها المسافات البعيدة، والمزادات المهمة والمعارض الفنية وأسواق «الأنتيكات»، يصرفون على الشراء وعلى التأمين وعلى النقل، ويظلون على قلق كأن الريح تحتهم حتى تستقر في المنزل.
مقتنو المنحوتات والفازات يحبون أن يجمّلوا بها زوايا المنزل، لكن يظلون يحاتون، قلقين من تقافز رشود وعبود اللذين لا يحلو لهما اللعب إلا في زوايا البيت الثمينة أو تبقى قلوبهم تتقافز من سياقة الصبية الصغيرة لعربتها وهي تذرع البيت مغمضة أو ناكسة رأسها في الأرض- تشبه أمها يوم تمشي، تمشي موَخّية- حتى يجفل ذلك التمثال الراقد، ويهوي أرضاً، ويصبح مثل «البيّز» قطعاً متناثرة.
بعض مقتني السيارات الغالية يظل يربيها على يديه، ويمسحها بهدب عينيه، وتحدثه نفسه بها وعنها دائماً، يخاف أن تبيت لوحدها في المرآب أو المواقف العامة، خوفاً من أن يمر بها شخص مستهتر ويشمخها أو يشخطها في الجانب، يتمنى لو يجد الشارع فارغاً، ويبعد الله عنها الشاحنات وسيارات النقل العام، ويجنبه تهور سائقي سيارات الدفع الرباعي، يحرص - لو كان قادراً- على أن ينزل قبلها، يسبقها، يوسع لها الشارع، ويجنبها الحك والكشط، أو زلات سائقي الأجرة الكثيرة، وشعارهم القاتل: «ما في مشكلة أرباب.. روخ بيمه هو يصلّح». هؤلاء الأشخاص لا يستمتعون بالسيارة الغالية، بل ترهقهم، ومن فرط حبهم لها تصبح أكثر دلالاً من الزوجة، فتدب الغيرة بين الضرتين، فتجتمعان عليه وتنكدان عيشه وحياته. 
والمرأة التي تقتني طقماً من أدوات المائدة الفضية، أو الصحون الكريستالية المذهبة الغالية، تظل تحرسها وتتفقدها وتلمعها وتتفاخر بها بين جاراتها وقريناتها، تفرح إذا ما زارها ضيوف فتخرجها لامعة برّاقة، تصّلق وتبرّق، وتنتفش هي مفاخرة بأن أدواتها وصحونها موقعة وممضيّة، متمنية على الضيوف الاستمتاع بما جادت به يدها من أصناف الطعام الذي سيتناولونه في صحون وكؤوس من أثير، لكن ما إن يبدأ الهجوم، وتراهم يطاردون فرائسهم على تلك الطاولة التي بدأت تهتز وترتج، حتى يفز قلبها، ولا تطاوعها نفسها في أن تترك ضيوفها لوحدهم أو يلذ لها صنف من صنوف الأكل التي طبختها ما دامت تلك المعركة دائرة بشوكها وسكاكينها الممضيّة، تظل عينها تبربش حتى تكاد أهدابها أن تحت وتسقط، وتبقى روحها معلقة بتلك الأدوات، تخاف عليها من رجفة يد الضيف، ومن ثقل بعض الأصابع التي لا ترحم كريستالاً، ولا تعترف بفضيات موقّعة بريشة فنان، ترتعب سيدة المنزل ذلك اليوم من عين النساء، وحسدهن وغيرتهن، وتعمدهن الكسر والتحطيم، ليحطمن قلبها وشقاء عمرها. 
وإن مرت تلك الحفلة على خير فهي لا تأمن شر الشغالة وإهمالها عند الغسل والتنشيف، تظل تلك الصحون والكاسات والملاعق في حراسة الزوجة وحمايتها حتى تعود سالمة غانمة، مبيضّة الوجه إلى خزانتها، ومكانها الآمن، وحضنها الدافئ.
حرّاس الأشياء الغالية في الحياة كثر، وكل يحرس بضاعته بكثير من القلق، ويدفع ضريبة الاقتناء بكثير من المعاناة!