في سبعينيات القرن المنصرم، كانت كلمة الهند تتردد في مسامعنا كثيراً، فلا تكاد جملة أو مثل أو أبيات شعرية تخلو منها، لاسيما عندما يقترب موسم العطلة الصيفية. فهناك من يقصدها للعلاج ومن يتعلث بها للقاء أحبائه، فتتوفر فرص نادرة للمغازل واللقاءات البريئة، ويستأنس بها الأطفال، لأنهم يركبون السياكل ويشترون «الشلق»، الذي كان يحضر الطفل إلى منتهى سعادته، وهناك من يقصد الهند للتبضع للأعراس أو لشراء القطع والعطور والعود، الذي يعاد بيعه بأسعارٍ بها ربح لا يستحق الذكر، فهذه المبيعات كانت تُعامل بخجل وإحراج، فيحصل المشتري على خصم اسمية اليوم «ضريبة السَفرْة» فمن لم يجلب للمشتري هدية يخفض سعر ما سيبيعه له من خراوشين الهند. لقد أبدع الشاعر ثاني بن عبود الفلاسي في القصيدة الخالدة في أذهان الشباب، فأصبحت أيقونة تشرح الحال والذكريات والأمنيات.


يقول الشاعر: حب الغواني دعاني مولع وانوح.. أبكي ودمعي على الخدين نضاحي.. شيبني شاب عقلي زادت لجروح.. يا صاح مادري متى ما الهم برتاحي.. شهر مضى لي وخايف انسلب من الروح.. لا لذ لي شرب ولا القوت ينزاحي.. حب الحبيب دعاني يا ملا مطروح.. جني طعين بحشايه بزرقة ارماحي.. شفني وليعٍ وتايه في هواه انوح.. بايت سهير الطرف لا اغضي ولا أرتاحي.. أنوح والعي شرات الورق على الدوح.. وارقت ناس خلت من الهم طياحي.. لي مادرى بي ولا ذاق الوصل والشوح.. وان عاد لي الوقت معهم يالاهل بروح.. بسكن ديارٍ خلت من كل فضاحي.. دار بها النرجسي والزعفران يفوح.. حلوة من الحقد فيها الانس والافراحي.. الهند نبغي وفيها الملتقى مبيوح.. لابد من وصلنا اهناك نرتاحي.. اهناك بنلتقي معهم سوى بنروح.. بكون عقب الخساره نلت الارباحي.. بسني عن الواش معهم في ضليل الدوح.. في وسط غرس من الاشجار منزاحي.. وان ما حصل لي على منوى يخوف الروح.. تتلف ولا لي على نقزاته امواحي.. لاحول لي من جدايه يكون لي مسموح.. اضرب على اسمي وخلي السطر ينماحي. يوم كانوا يقولون لجدتي: عنبوه.. كل سنة تسيرون الهند؟، ردت بهدوئها المعهود «الهند هندك لي قل ما عندك» وهي عبارة اختصرت فيها المبررات وشرحت الأحوال المادية. لذا عندما مرض جدي الغواص الذي ضربت إحدى أذنيه لخمة وهو في الأعماق، وجاء تأثير ذلك عليه بعد اكتشاف النفط،، أخذه والدي للعلاج في الهند، وعندما عاد أبي وجدتي بدونه قال لنا أبي: «أبوكم غاص على هيرات الخليج العربي ونبرت روحه في الهند فدفن فيها». للعارفين أقول: أجمل ما في هذا الكون هم أهلنا ووطننا وقيادتنا الذين جعلوا من هذا العام «عام المجتمع»، ما يجعلنا نلتفت من حولنا ونشكر كل من ساهم في أن يجعلنا أفضل وأجمل لا سيما عندما ننسج من ذكرياتنا عناصر الإنسانية والتعايش والسلام. هند الذكــريــــات نشكر كل من ساهم في أن يجعلنا أفضل وأجمل لا سيما عندما ننسج من ذكرياتنا عناصر الإنسانية والتعايش والسلام