حبيبتي ونبض قلبي ابنتي الغالية «ريم»، مر يوم الجمعة بتاريخ 28 مارس، وهو في كل عام كان يوم ميلادك، أحبك وأهنئك لأنك في كل يوم أنتِ لي عيد، أردد اسمك بكل الفرح والسعادة، فمنذ أن ولدتك صار الفرح مسكني، والشعرُ والإبداع مقدرتي، فروحك كالإلهام، وطبعك الحب، والورد بين يديك ينث عطره على بهجتي وفرحي.
فتذكري دائماً أن قلبك محيط وأنت زورق، فجدفي فيه، تلمسي الجواهر في عمقه، ولا تبحثي عن المرافئ، ابقي في لجته، وفي نشوة الإبحار، دعي الموج يأخذك إلى أقصى مداه ويرجعك إلى أقصى مداك، دعيه يهدأ بكِ ويصخب، يرأف ويحتدم، يصحو بك حد الذهول ويغيّبكِ حد النشوة، الحب إبحار في السعادة، ولذة في الفرح منذ الأزل، فلا تهدئي ولا تستكيني، لا تستدلي إلا بك، ولا تدلي إلا عليك، قلبك ليس خريطة نقشت عليها طرقات، مدن، أسوار وعواصم، فلا تعتصمي إلا بك، ولا تسيري في طرقات واضحة، فالتيه في الطرقات كشف، لا تخشي العثرات، ثمة نهوض دائماً بعد العثرات، قلبك كون شاسع فلا تسبري أغواره، ولا تسألي عن الأسباب، دعيه يتلألأ حيناً في البُعد السحيق ويبرق حيناً في انخطاف باهر، دعيه يشع حين إعتامك ويخفت حين الوضوح، دعيه يأخذك بكيانك كله ويلقي بك في مداراته، قلبك طلسم فلا تفكي رموزه ولا تستقرئي أسراره، لا ترسمي بفرجار لا تستديري فكل الدوائر مغلقة، لا ترضخي، لا تتكلي، احدسي، استنيري، تأملي، امضي في التجريب حتى الاكتمال.
ولكي تبلغي هذا امتلئي بالحب وفيضي به في نطقك، فلغة الحب لا تشبه لغتنا اليومية في التعامل مع العابرين، لغة الحب سلوك قبل أن تكون لفظاً ننطق به في لحظة احتضان، لغة الحب رعاية واحتضان، ومشاركة في التفاصيل الصغيرة التي تعني المحبين، لغة الحب اهتمام فائق الدقة بالمحبوب، لا يخضع للمزاج ولا تحكمه حالة نفسية عابرة لأنها عطاء تبادلي بين كائنين لا ينتظر الشكر ولا الامتنان.
لغة الحب هي ذاتها لغة الشعر حين يرتقي على مألوف القول وبيان السرد، فكما أن لغة الشعر تشي ولا توضح، فإن لغة الحب سلوك يشي بالحب ولا يسرده، وحين تغضبي تذكري دوماً أن لغة الحب تهذب لغة الغضب وردود الفعل الاحتدامية الطارئة، وحين نحب نصير أرق، أعذب، أشف، ويغمرنا الهدوء والسلام، كأن المحبوب تجسد التوق لحياة مطمئنة، كأنه مفتاح الممكن والمستحيل، معه يمر الزمان بعيداً، عابراً طرقات لا تؤدي إلينا، ففي الحب كل يوم نولد من جديد، كأن الحب سياج دون اختراق السنين إلى أجسادنا!