تغير الكثير في الحياة وتبدلت عادات ودخل الجديد على كل شيء، حتى أفراح العيد واستقباله لم تعد كما هي، نحن الكبار تغيرنا كثيراً ولم تعد بعض المظاهر الماضية حاضرة ولا أسلوب استقبال العيد، ولكن مع ذلك لا تزال الكثير من الأنماط والعادات الاجتماعية ماضية في طريقها ونمارسها باحترام وفرح، ندرك أنها لم تعد تقدم بتلك الصورة والقوة التي كانت في الماضي، ولكن نعمل على الحفاظ عليها، وتقديمها للأجيال الجديدة بصور تتناسب والحياة الحديثة اليوم.
كان كل شيء في الماضي يعتمد على الأسرة في إنجازه، وكان ذلك يتطلب الجهد الكبير من رب وربة المنزل وعلى الخصوص السيدات، اللاتي يتحملن كل ما يتطلبه الاحتفال بالعيد. كانت دائرة الفرح كبيرة، تضم الأسرة وما يحيط بها من جيران، الأبواب مشرعة للجميع في استقبال فرحة العيد. الآن اللقاءات الكبيرة أخذت في الضمور والتلاشي خاصة في المدن، ولم يتبق إلا القليل من أفراد العائلة أو الأسرة الصغيرة، وحدهم من يحتفلون بالعيد وبهذه المناسبة السعيدة، ولعله شيء جميل أن اللقاءات لم تندثر تماماً، بل أخذت تظهر بصورة جديدة وجميلة، خاصة أن ذلك المجهود والعمل المتعب في إعداد احتفاليات العيد قد انتهى، فكل شيء الآن يمكن تحضيره بوسائل الخدمات الكبيرة والمتخصصة في شؤون البيت والطبخ والترتيبات الأخرى، حتى الاحتفالات الكبيرة يمكن أن تقدمها جهات خدمية خاصة.
نحمد الله على أن عادات الاحتفال بالعيد ما زالت باقية وقوية على مستوى الدوائر والمؤسسات الاجتماعية، وعلى مستوى الأسر الصغيرة والكبيرة.. صحيح أن الصورة القديمة لم تعد كما هي، ولكن الصور الجديدة تناسب كل هذه المتغيرات الاجتماعية والحياة اليومية للأسرة. ومازال الصغار يزينون المنازل وأماكن الفرح الكثيرة. كم هو جميل المنزل ورائع عندما يتجمع فيه أطفال الأسرة أو العائلة الواحدة، ليملؤوا المكان بالسعادة والفرح وتزهو البيوت بضحكاتهم وألعابهم وملابس العيد الجديدة والجميلة! نعم اختفت مظاهر مرور هؤلاء الصغار على البيوت والفرجان، كما كان الوضع قديماً، ولكن ما زالوا يأتون بالسعادة والفرح في تجمعات العائلات.
كنت أراقب فرحة عيد الأضحى في الحي، فلم أشاهد أعداداً كبيرة من الأطفال تطوف منازل الحي كما كان الحال قديماً، فقط أعداد صغيرة جداً، ولكنهم حاضرون في بيوت الأهل أو دار الجدات والأجداد. العيد مازال يأتي بمظاهره وزينته وفرحه، ولكن في ثوب جديد وجميل، لا شيء يعادل فرحة العيد، خاصة عند الصغار والأطفال، وحدهم من يعرفون السعادة في عظيم حضورها، ولا يعنيهم ما تغير من مظاهر قديمة، هذا زمنهم، حيث يمارسون فرحهم بطرقهم الخاصة الجديدة.