على مدار 90 دقيقة،  نظمت جامعة «السوربون أبوظبي»، أمس، عرضاً موسيقياً سلطت من خلاله الضوء على قضايا البيئة والمناخ، وعلاقة الإنسان بهما. وتضمنت  الفعالية أداءً  إبداعياً عبر عروض الموسيقى الكلاسيكية المتزامنة مع سرد قصصي  ومحتوى بصري؛ من أجل تعزيز الوعي المجتمعي بالتحديات المناخية. العرض الذي جاء تحت عنوان «أصداء الأرض: تجليات الطبيعة في الصوت والضوء والحركة»، تم تقديمه للجمهور بالتعاون مع «جمعية الإمارات للطبيعة» و«منظمة كلايمت فريسك» و«مجموعة شلهوب».

  • بالموسيقى .. «سوربون أبوظبي» تعزز الوعي بتحديات التغير المناخيسيريل إسكارافاج خلال العرض الموسيقي في جامعة «السوربون أبوظبي».



    ويأتي العرض الموسيقي في إطار مساعي  جامعة «السوربون أبوظبي» لإطلاق مبادرات تنسجم مع إعلانها عام 2025 «عاماً للمحيط»، ويعكس في الوقت نفسه التزاماً راسخاً لديها بدعم جهود حماية البيئة البحرية، وتعزيز الاستدامة، ودفع عجلة البحث العلمي.

انسجامٌ مع «عام المجتمع»
العرض الموسيقي ينسجم أيضاً مع عام المجتمع في الإمارات، وقالت البروفيسورة ناتالي مارسيال، مديرة جامعة «السوربون أبوظبي»: «يعكس هذا العرض رؤية الجامعة الرامية إلى توحيد المعارف والثقافة والوعي في مجال البيئة ضمن إطار إبداعي مؤثر. ويحتفي عرض أصداء الأرض بالفنون البصرية والموسيقية المتميزة، ويمثل دعوة للتأمل في التحديات الملحة التي تواجه كوكبنا، وتعزيز ثقافة المواطنة المسؤولة. وتطمح الجامعة أن يسهم العرض، من خلال الموسيقى والمسرح والسرد القصصي، في إطلاق جلسات حوارية معمقة وإجراءات جماعية بين طلابها والمجتمع عموماً؛ للحفاظ على البيئة».

  •  
  •  
  •  
  • بالموسيقى .. «سوربون أبوظبي» تعزز الوعي بتحديات التغير المناخي
    العرض الموسيقى  بجامعة «السوربون أبوظبي»
  •  

رحلة بين المحيط والغابة
قام بإبداع عرض «أصداء الأرض» سيريل إسكارافاج، راوي القصص الناشط في مجالي البيئة والاستدامة، وذلك بالتعاون مع عازف الكلارينيت والمؤلف الموسيقي الشهير ستيفان فيرو. وتضمن العرض أعمالاً لمؤلفين موسيقيين عالميين مثل كلود ديبوسي، فريدريك شوبان، موريس رافيل، وفيليب غلاس، وشاركت في العرض مجموعة متميزة من العازفين، من بينهم إينا تشاريلي (آلة بيانو)، آنا لاشكو (آلة تشيلّو)، ناتاليا فاسكينونا (آلة الكمان)، ستيفان فيرو (آلة الكلارينيت)، وستيفان فيرو (الكلارينيت).

  • بالموسيقى .. «سوربون أبوظبي» تعزز الوعي بتحديات التغير المناخي
    بالموسيقى .. «سوربون أبوظبي» تعزز الوعي بتحديات التغير المناخي
    العرض تم تقديمه كرحلة حسية تسلط الضوء على المحيط والغابات  لكونهما من بين النظم البيئية الحيوية التي تتطلب توازناً دقيقاً، مع تسليط الضوء على خطر  ذوبان ثلوج القطبين والجفاف، وتدهور الغابات، والتأكيد على الروابط العميقة بين الطبيعة والإنسانية والعقل.

العرض قدّم جولةً للجمهور من أعماق المحيطات إلى هدوء الغابات وصولاً إلى العقل البشري نفسه، لتسلط الضوء على المسارات العاطفية والفكرية التي تربطنا بكوكب الأرض، ويعرض الخطوات التي يمكن اتخاذها لمعالجة التحديات البيئية.الموسيقى والسرد والمحتوى البصري
وفي تصريح خاص لـ«الاتحاد»، أكد سيريل إسكارافاج، المخرج الفني للعرض الموسيقي، أن الهدف من هذه الفعالية جعل القضايا البيئية أكثر فهماً وتأثيراً، مما يعزز العلاقة الواعية والمسؤولة بين الإنسان والبيئة. إسكارافاج، الناشط الفرنسي في مجال الاستدامة، اقتبس مقولة السياسي والروائي الفرنسي «إيريك أورسينا»، الذي أكد «إننا قبل أن نفهم، علينا أن نشرح. ولكي نشرح، يجب أن نندهش. ولكي نندهش، يجب أن نروي قصة»، وهذا هو بالضبط ما يراه إسكارافاج هدفاً للعرض الموسيقي: إعادة الاتصال بالطبيعة من خلال إثارة الدهشة عبر المزج بين الموسيقى، والسرد المباشر، والمحتوى البصري المصمم خصيصاً لهذا العرض، لضمان تقديم تجربة متعددة الحواس تعزز الوعي بالتحديات المناخية». 
التواصل مع الطبيعة 

واستنتج   إسكارافاج أن «العرض يجدد أهمية التواصل مع الطبيعة وزيادة الوعي بالتغير المناخي» وأضاف: «ومن خلال (أصداء الأرض)، أردنا أن نتأمل في جمال وهشاشة  النظم البيئية، وفي الوقت نفسه نركز على ضرورة حمايتها وإصلاح نظمنا البيئية. فالحدث يحمل طابعا تعليمياً، وهو أيضا دعوة للتفكر في مستقبلنا على هذا الكوكب».
وقال إسكارافاج: «كانت تجربة رائعة بمشاركة موسيقيين محترفين على المسرح وأربعة ممثلين، بالإضافة إلى فيديو رائع قمنا بإنتاجه خصيصاً لهذا العرض، ليخلق أجواء غامرة بالكامل للجمهور، فلا يمكنهم التهرب من الموضوع». 
وحسب إسكارافاج، فإن الهدف النهائي هو ملامسة قلوب الجميع، نعم، هذا الموضوع سيُلامس العقول والقلوب، وربما يُثير الرغبة في العمل. لذا، كان لدينا رعاةٌ رائعون حضروا إلى العرض الموسيقي «أصداء الأرض»،  كالصندوق العالمي للطبيعة، الذي يُشارك بنشاطٍ في الإمارات العربية المتحدة للحفاظ على النظم البيئية. كما كان لدينا أيضا جمعية «كلايمت فريسك»، التي تأسست في فرنسا وقد درّبت بالفعل 10000 شخص في الإمارات العربية المتحدة. 


مواجهة التغير المناخي 
ويشكل العرض رافداً مهماً للدعوات العالمية لاتخاذ خطوات لمواجهة تغيّر المناخ، وينسجم مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، لا سيّما تلك المتعلقة بحماية الحياة على اليابسة وفي البحار. وتعد تجربة «أصداء الأرض» إضافة نوعية للبرنامج الثقافي المتنامي في جامعة السوربون أبوظبي، الذي يهدف إلى تعزيز التفكير النقدي، وزيادة الوعي بالتحديات العالمية من خلال الفنون.

  • بالموسيقى .. «سوربون أبوظبي» تعزز الوعي بتحديات التغير المناخي
    د.ماجد  الخميري، نائب مدير جامعة «السوربون أبوظبي» للشؤون الإدارية والمالية.

    اهتمام كبير بالطبيعة والاستدامة

وفي تصريح خاص لـ«الاتحاد»، أكد الدكتور ماجد  الخميري، نائب مدير جامعة «السوربون أبوظبي» للشؤون الإدارية والمالية، أن الاستدامة وحماية الطبيعة من بين  أهم الأعمدة الاستراتيجية التي نرتكز عليها في جامعة «السوربون أبوظبي»، ويتجلى هذا الالتزام بشكل أوضح خلال «عام المجتمع» في دولة الإمارات، من خلال سلسلة مبادرات تهدف إلى تعزيز الوعي بتغير المناخ، وإبراز جمال كوكبنا، وتسليط الضوء على الحاجة الملحّة للحفاظ عليه، وفعاليات الجامعة تعكس بالفعل هذا التوجه، ومن أبرزها فعالية «أصداء الأرض»  التي نظمتها الجامعة أمس،  ومعرض «الصدأ والأمواج» للفنان محمد الأستاد، حيث تم دمج الفن والجمال كوسيلة مؤثرة لإلهام الجمهور والتفكّر في القضايا البيئية.

  • بالموسيقى .. «سوربون أبوظبي» تعزز الوعي بتحديات التغير المناخي


الموسيقى والطبيعة
وأضاف الخميري: «هناك ارتباط وثيق بين الموسيقى والطبيعة، فالموسيقى تساعدنا على التفاعل مع البيئة المحيطة من خلال تحفيز مشاعرنا انتباهنا». وأوضح أن أحد الفنانين قد ابتكر مؤخراً جهازاً يحوّل اهتزازات الأشجار إلى موسيقى، مما يُظهر حيوية هذا الارتباط. عند دمج الموسيقى مع صور من الطبيعة، حتى عبر الشاشات، يمكننا تسليط الضوء على هشاشة البيئة وجمالها في آنٍ واحد. هذا المزج يُوقظ الحواس، ويجعل التحديات البيئية أكثر قرباً وواقعية، مما يعزز الوعي والدافع نحو العمل الإيجابي لحماية البيئة.

وقال الخميري: «إن جامعة (السوريون أبوظبي)، أعلنت عام 2025 (عام المحيط)، وهذا يعكس التزامنا العميق بالاستدامة، وجاء متزامناً مع إطلاق (معهد المحيطات)، وكذلك مع المبادرات العالمية مثل إعلان الحكومة الفرنسية لعام البحر، والمؤتمر الأمم المتحدة المقبل للمحيطات». وأضاف: «نظراً للموقع الجغرافي البحري لإمارة أبوظبي، والدور الفاعل لدولة الإمارات في حماية المحيطات، فإن هذه المبادرة تحمل أهمية خاصة محلياً». 

  • بالموسيقى .. «سوربون أبوظبي» تعزز الوعي بتحديات التغير المناخي
    خلال إحدى فعاليات «معهد المحيطات» بجامعة «السوربون أبوظي».
     

المحيطات والبيئة البحرية
 وأوضح  الخميري أن  المعهد يعتمد على مبدأ «العِلم من أجل العمل»، إذ يقوم بإجراء أبحاث تخدم السياسات العامة، وتُمكّن من اتخاذ قرارات قائمة على البيانات لحماية النظم البيئية البحرية. ومن خلال المعارض التي دشنتها الجامعة مثل «عالم من العوالق» وورش العمل التعليمية لطلبة المدارس، تعمل الجامعة على إشراك المجتمع في الحفاظ على البيئة البحرية. وأشار إلى أن الجامعة تخطط لتنظيم مجموعة غنية من الفعاليات الإضافية خلال العام الأكاديمي المقبل، بهدف مواصلة تعزيز الوعي بقضايا المحيطات، وتحفيز العمل من أجل حمايتها.
وحسب الخميري، يُعد معهد المحيطات في «السوربون أبوظبي» مركزاً بحثياً رائداً يُعنى بإنتاج بيانات دقيقة وتحليلات متقدمة لفهم النظم البيئية البحرية في دولة الإمارات. ويستفيد المعهد من الشراكة مع المعهد الشقيق في فرنسا وشبكة محطات الأبحاث التابعة لجامعة السوربون، ما يتيح له استقطاب خبرات عالمية، وتعزيز القدرات البحثية المحلية.
يتعاون المعهد بشكل وثيق مع جهات محلية مثل هيئة البيئة – أبوظبي، لضمان مواءمة أبحاثه مع أولويات الدولة وتقديم دعم فعلي لصنّاع القرار. كما يضم المعهد خبراء عالميين في مجالات مثل علم البيئة الساحلية، الحمض النووي البيئي (eDNA)، والصوتيات البحرية.
ويعتمد المعهد نهجاً متعدد التخصصات، يجمع بين العلماء، وخبراء القانون البيئي، والاقتصاديين، والفلاسفة، وعلماء الاجتماع، مما يوفر رؤية شاملة ومتكاملة حول علوم المحيطات من منظور بيئي واجتماعي واقتصادي.


مبادرات الاستدامة
 وأكد الخميري أن هناك شراكات مع مؤسسات محلية تهدف إلى إشراك الطلبة والمجتمع في مبادرات الاستدامة، حيث
يشارك طلاب جامعة «السوربون أبوظبي» على مدار العام في مبادرات توعوية بيئية، تبدأ بجلسات تفاعلية بالتعاون مع «Climate Fresk» لفهم تعقيدات تغير المناخ، وتمتد إلى أنشطة عملية مثل تنظيف الشواطئ وزراعة أشجار المانجروف، لتعزيز الشعور بالمسؤولية البيئية. كما توفر الجامعة من خلال برامجها الثقافية منصة للطلاب والجمهور للتفاعل مع القضايا البيئية، وتوسيع معارفهم من خلال شبكة «الجامعات من أجل المناخ» التي تتيح التعاون بين جامعات الدولة.
وأضاف الخميري أنه من أبرز المبادرات هو «SUAD Youth COP»، الذي أُطلق عام 2023، وهو مؤتمر نموذجي يُحاكي مفاوضات مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، ويجمع طلاباً من مختلف قارات العالم لتقديم مقترحات واقعية وحلول مبتكرة للتحديات المناخية. هذه المبادرة وجودة الحلول المقترحة من التلاميذ تُظهر بوضوح التزام الشباب، ووعيهم المتزايد بأهمية التصدي لأزمة المناخ.