في إطار تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في مجالات ريادة الأعمال والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والصناعات الإبداعية والاستدامة والأمن السيبراني والحوسبة السحابية والاستدامة والنقل الذكي، شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة بجناح رسمي في معرض «فيفا تِك 2025» لريادة الأعمال والتكنولوجيا الحديثة، الذي عُقد في باريس تحت شعار «الحدود الجديدة للابتكار»، خلال الفترة من 11 إلى 14 يونيو الجاري.
وقد جاءت مشاركة الإمارات في «فيفا تِك 2025»، كما أكد معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، في إطار جهودها المستمرة لدعم وتمكين الشركات الإماراتية الناشئة من جذب الاستثمارات والوصول إلى الأسواق الحيوية إقليمياً ودولياً، وتعزيز التواصل وبناء الشراكات المثمرة مع صناديق الاستثمار وحاضنات ومسرعات الأعمال العالمية، بما يدعم تحقيق المستهدف الوطني بأن تصبح الدولة مركزاً عالمياً للاقتصاد الجديد بحلول العقد المقبل، وبما يتماشى مع رؤية «نحن الإمارات 2031».
وقد اكتسبت مشاركة دولة الإمارات في «فيفا تِك 2025» أهمية كبيرة بالنظر إلى عدد من الاعتبارات الأساسية: أولاً: إنه حدث فريد يجمع بين الشركات الناشئة الواعدة والشركات التكنولوجية العملاقة والمستثمرين وقادة الفكر من جميع أنحاء العالم. ثانياً: إنه ليس مجرد معرض، بل ملتقى للأفكار، ومختبر للابتكار، ومنصة لتشكيل مستقبل التكنولوجيا. ثالثاً: تركيزه خلال عام 2025 بشكل كبير على التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا المناخ، والتكنولوجيا العميقة، وهي مجالات تتماشى تماماً مع الأولويات الاستراتيجية لدولة الإمارات.
رابعاً: إن مشاركة الإمارات لم تكن مجرد عرض للإنجازات المحلية، بل كانت خطوة استراتيجية لتعزيز مكانتها كشريك عالمي موثوق به في مجال الابتكار، إذ سعت من خلال هذه المشاركة إلى جذب المواهب واستقطاب أفضل العقول والخبرات العالمية للعمل في بيئة الإمارات الحاضنة للابتكار، والمساهمة في حلول عالمية كالتعاون في تطوير حلول للتحديات العالمية الكبرى، مثل تغير المناخ والأمن السيبراني، من خلال الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة. وقد سعت دولة الإمارات من خلال مشاركتها في «فيفا تِك 2025» إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية، وتبادل المعرفة والخبرات ودعم الشركات الناشئة المحلية. ولم تأت مشاركة الإمارات في «فيفا تك 2025» من فراغ، بل كانت تتويجاً لجهود حثيثة ومستمرة لترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للابتكار التكنولوجي وريادة الأعمال، حيث تشهد الدولة نمواً مطرداً في قطاع التكنولوجيا، مدفوعاً بالاستثمارات الحكومية الكبيرة والمبادرات الداعمة للشركات الناشئة والبيئة التشريعية المرنة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه وفقاً للتقارير الدولية، من المتوقع أن ينمو سوق خدمات تكنولوجيا المعلومات في الإمارات بمعدل سنوي مركب يبلغ 9.2% من عام 2024 إلى عام 2030، كما تشير التوقعات إلى أن سوق تكنولوجيا المعلومات في الإمارات ستشهد معدل نمو سنوي ثابتاً بنسبة 5.43% من عام 2025 إلى 2030، وهذه الأرقام تعكس الثقة المتزايدة في البنية التحتية التكنولوجية المتطورة للدولة، وقدرتها على استقطاب المواهب والاستثمارات.
بالإضافة إلى ذلك، يُقدَّر حجم سوق التحول الرقمي في الإمارات بمليار دولار أميركي في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 2.23 مليار دولار أميركي بحلول عام 2029 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 15%، وهذا النمو يؤكد التزام الدولة بتبني أحدث التقنيات في جميع القطاعات، من الحكومة الذكية إلى الخدمات المالية والتجارة الإلكترونية.
وتتطلع دولة الإمارات إلى مستقبل رقمي يعتمد على الابتكار كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي، حيث تهدف الاستراتيجيات الوطنية مثل استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031 إلى جعل الدولة رائدة عالمياً في تطبيق الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات.
إن الحضور القوي لدولة الإمارات في «فيفا تك 2025» يؤكد التزامها بالانفتاح على العالم وتبني أفضل الممارسات. وفي هذا السياق، لا تكتفي الدولة بلعب دور المستهلك للتكنولوجيا، بل تضع نفسها في موقع المنتج والمصدّر لها، ما يعزز من مكانتها كقوة فاعلة في رسم مستقبل الابتكار على الساحة الدولية.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.