خط الإسفلت طويل جداً، تقطعه السيارة بسرعة كبيرة، ساعات طوال تمر والطريق الممتد من دبي إلى الرويس لا يمكن قطعه غير في زمنه المحدد والمعروف. عندما تقطع السباخ والسيوح، تمر بالتأكيد، بالسيح الشهير والذي رسخ اسمه منذ أزمنة بعيدة (سيح شعيب)، كم قطعته القوافل القادمة من الغرب إلى الشرق أو العكس قديماً، وكم (خبت) على أرضه الركاب وسارت الأقدام مغردة للحياة، وكم ناجت الريح وهبوب السهيلي و(شرتا) الشمال. يظهر القمر في زاوية اليسار، ينير الدرب الطويل، يرافق رحلتي، يميل إلى الغروب عندما عندما أصل إلى الرويس. مكان هادئ وجميل، تغني النجوم للمساء الجميل، تسمع ضربات الأمواج على الساحل، أحط الرحال في انتظار صباح جديد في هذا المكان البديع.
تشرق الشمس ويظهر البحر مبتسماً ولامعاً كالمرايا، حتى المراكب والسفن والزوارق العابرة لذلك البحر الجميل تسير الهوينا وكأنها في نزهة فرح. الرويس مكان رائع في كل المواسم لعشاق البحر والهدوء والسكينة، حلم أن يكون لي كوخ صغير على جرف يطل على البحر، أعود إليه عندما أضجر من المدينة وضجيجها. لقد تطور هذا المكان، وعمرت كل تلك المساحات والسواحل التي كانت مكاناً جميلاً لأهل البحر وطيور الماء. ودعنا صباح الرويس وعبرنا الأزرق إلى دلما جزيرة أحلام القدامى من أهلنا البحارة، هذا التاريخ المعروف عند رجال البحر على امتداد الساحل والخليج العربي. يكفي أن تقول دلما، وكأنك تقول لقد دلني الله على طريق الماء والحياة. يكفي أن تتذكر كيف أعطى الله هذه المكرمة العظيمة لأهلنا البحارة القدامى، بأن يخرج الماء في أرض صخرية وجبلية وامتداد جزيرة صغيرة، وأن تكون هي واهبة الحياة ومعينة للعابرين والمقيمين على أرضها، ثم فيما بعد، عندما وهب الله النعمة والخير، وجاء الكف الأخضر المعطاء، ازدهرت كثيراً وتطورت لتصبح مكاناً يحلم الكثيرون بالعيش فيه. إنها قصيدة ورفيف طائر، يعبر هذه المسطحات المائية الواسعة ليغنى للحياة.. والأجمل أن تعود من دلما إلى أبوظبي عبر عبارة تحلق بخفة ريشة فوق البحر، لتشاهد جمال مدينة أبوظبي الآن في حلتها الجديدة والبديعة. كان خط رحلتي جميلاً جداً مثل بلدي.